قضية السيارة الجيب وحكم المحكمة التاريخى عن جماعة الإخوان المسلمين (1)

250px-حقيقة_التنظيم_الخاص 

فى حلقة أمس من مسلسل الجماعة تطرق وحيد حامد فى مسلسل الجماعة إلى قضية السيارة الجيب ولأنه سيتجاهل التفاصيل فإليكم تفاصيل الرواية

اتم اكتشاف النظام الخاص عبر قضية السيارة الجيب عام 1948 حيث عثر البوليس السياسي علي سيارة جيب بها جميع أسرار النظام الخاص لجماعة الإخوان ومن بينها أوراق التكوين والأهداف، وقدمتها حكومة النقراشي لمحكمة الجنايات، ولما اطلعت المحكمة علي أهداف النظام قالت في حكمها عن المدانين منهم : " إن المدانين كانوا من ذوي الأغراض السامية التي ترمي أول ما ترمي إلي تحقيق الأهداف الوطنية لهذا الشعب المغلوب علي أمره. "

يقول القرضاوي في مذكراته " لقد أحيلت هذه القضية إلى محكمة مدنية، برئاسة المستشار أحمد بك كامل، وكان قد اتهم فيها أكثر من ثلاثين شخصا، منهم عبد الرحمن السندي، ومصطفى مشهور، ومحمود الصباغ، وأحمد حسنين، وأحمد زكي وغيرهم. وكان الجو السياسي قد تغير، بعد سقوط حكومة إبراهيم عبد الهادي، وكانت فرصة ليصول فيها المحامون الإسلاميون والوطنيون، أمثال مختار عبد العليم، وشمس الدين الشناوي، وعبد المجيد نافع، وعزيز فهمي، وأحمد حسين وغيرهم. وأن تسمع شهادات رجال كبار مثل اللواء المواوي، واللواء فؤاد صادق وغيرهما.

وقد أصدرت المحكمة فيها حكما تاريخيا، برأ أكثرية المتهمين، وحكم على أفراد قليلين منهم بأحكام مخففة، ما بين سنة وثلاث سنوات، ولكن الشيء المهم في الحكم أنه أنصف الإخوان بوصفهم جماعة إسلامية وطنية. وأبرز دورهم الوطني والجهادي في مصر وفلسطين، ودورهم الثقافي والاجتماعي في خدمة مصر، ثم كانت المفاجأة أن انضم رئيس المحكمة المستشار الكبير أحمد كامل بعد ذلك إلى الإخوان، ونشرت ذلك الصحف بالخط العريض: حاكمهم ثم انضم إليهم!

الغريب أن يسارع النقراشى وحكومته بحل الجماعة دون انتظار حكم المحكمة

وسأنقل لكم الحكم التاريخى للمحكمة فى القضية نقلا من كتاب الأستاذ محمود الصباغ عن التنظيم الخاص يقول :

اسمع يا سيدي قرار الاتهام في هذه القضية الشهيرة باسم قضية السيارة الجيب والتي فجر بها النقراشي باشا الفتنة في مصر ليستر خيانته العظمة في فلسطين، دون أن ينتظر حكم القضاء فيها، هذا الحكم الفاصل في شأن النظام الخاص ووسائله وأهدافه وأعماله منذ نشأته حتى نهاية حكم الملك السابق فاروق وبداية ثورة 23 يوليو، لأنه صادر من محكمة تمثل حكومة النقراشي باشا المدعية على الإخوان المسلمين، ومن ثم فإنه يلزمها الحجة دون جدال أو نقاش خاصة أن النيابة العامة لم تجد فيه ثغرة واحدة تسمح لها بنقضه، بل أقرت بكل ما جاء فيه اعترافًا منها أنها كانت على خطأ كبير، فقد اشتملت الأوراق المضبوطة في السيارة الجيب على كل أسرار هذا النظام ووسائله وأهدافه، ولم تكن إلا أشرف الوسائل وأنبل الغايات، ولكن النيابة العامة خضوعًا منها لرئيس الدولة وأغراضه وأهدافه قد قرأتها على ما يبدو بالمقلوب حتى صحح لها القضاء القراءة فوقعت الطامة على رأس هذا العهد البائد ثم أزاله الله من الوجود في يوليو 1952 مكللاً بكل صفات الفساد والانحلال التي يمكن أن يتصف بها بشر.

الحكم في قضية السيارة الجيب ويشتمل أيضًا على قرار اتهام الإخوان المسلمين:

محكمة جنايات القاهرة

الحكم الصادر في قضية النيابة العمومية رقم 3394 الوايلي 1950 ورقم 227 سنة 1950 كلي سيارة الجيب المتهم فيها عبد الرحمن السندي وآخرين.

محكمة جنايات القاهرة المشكلة علنًا برياسة حضرة صاحب العزة أحمد كامل بك وكيل محكمة استئناف القاهرة، وحضور حضرتي صاحب العزة محمود عبد اللطيف بك ومحمد زكي شرف بك المستشارين بمحكمة استئناف القاهرة وحضرة الأستاذ محمد عبد السلام رئيس نيابة استئناف القاهرة ومحمد علي عبده أفندي سكرتير المحكمة أصدرت الحكم الآتي في قضية النيابة العمومية رقم 3394 الوايلي 1950 ورقم 227 سنة 1950 كلي:

 عبد الرحمن علي فراج السندي موظف بوزارة الزراعة

مصطفى مشهور مشهور موظف بمصلحة الأرصاد الجوية

محمود السيد خليل الصباغ موظف بمصلحة الأرصاد الجوية

أحمد زكي حسن مدرس بالجيزة الابتدائية مصر القديمة

أحمد محمد حسنين مراقب حسابات بشركة المعادن بالسيدة عائشة

محمد فرغلي النخيلي تاجر معادن بشارع غيط النوبي

أحمد قدري الحارثي مهندس بمصلحة الطيران المدني

محمد حسني أحمد عبد الباقي عضو مجلس مديرية الجيزة

أحمد متولي حجازي مهندس

السيد فايز عبد المطلب مهندس

أحمد عادل كمال موظف بالبنك الأهلي المصري

طاهر عماد الدين مهندس معماري

إبراهيم محمود علي ترزي

دكتور أحمد الملط طبيب

جمال الدين إبراهيم فوزي

محمود حلمي فرغي

محمد أحمد علي  وغيرهم

ثم استعرض الصباغ فى كتابه قرار الإتهام للنيابة بالتفصيل ويمكن الرجوع إليه فى كتابه

مناقشة تهمة الاتفاق الجنائي على قلب نظام الحكم كما جاءت في نص حكم المحكمة:

وحيث أنه عندما وجهت هذه التهمة كانت فكرة الاتهام أن تكون شاملة عددًا كبيرًا لا يقف عند حد المتهمين المعدودين محل هذه المحاكمة، بل إن النيابة العامة قصدت في أقوالها إلى تصوير أن الجماعة بأسرها رمت إلى قلب نظام الحكم وأن أقوال مرشدها العام كانت تحمل معاني التحريض السافر على القيام بهذه الجريمة، وأن المتهمين وزملائهم فهموا من كلام المرشد أنه يرمي إلى ذلك، فالاتهام بهذا التصوير أراد أن يحمل الجماعة مسئولية هذه الجريمة بدليل أنه خلص إلى القول بأن الغرض النهائي هو إقامة جمهورية على رأسها المرشد العام.

فكان طبيعيًا والتهمة موجهة إلى جماعة الإخوان والمرشد أن تعرض المحكمة لنشأتها وأغراضها ووسائلها وتطورها وما يستنتج من أقوال مؤسسها.

حكم المحكمة بشأن الإخوان المسلمين:

وحيث إنه تبين للمحكمة من الأوراق المقدمة من الدفاع وما ضبط في دار المركز العام أنه في عام 1928 أنشأ الشيخ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين ووضع لها مع آخرين قانونا جاء فيه: أن الغرض منها تكوين جيل جديد يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا ويعمل بتعاليمه وأن رسائلها لتحقيق هذا الغرض هي تغذية الفضائل الخلقية وإحياء الشعور بكرامة الأمة وتحرير النفوس من الضعف والتحذير من الاندفاع في حياة المتعة والترف ونشر الثقافة والمحافظة على القرآن ومحاربة الأمية وتأسيس المنشآت النافعة للأمة كالمستوصفات الطبية ومحاربة الآفات الاجتماعية كالمخدرات والمسكرات والمقامرة والبغاء، وتشجيع أعمال الخير وتقوية روابط التعارف بين الشعوب الإسلامية، مع تنمية روح التعاون والاقتصاد والدفاع عن الإسلام ومقاومة كل عدوان يراد به، وتقوية الروح الرياضية في نفوس الشباب.

وبتاريخ 8 سبتمبر 1945 أدخلت الجمعية العمومية لهيئة الإخوان المسلمين تعديلات على قانونها النظامي، ثم أدخلت تعديلات أخرى في 30 يناير سنة 1948 وهذه التعديلات لم تمس الجوهر لكنها تناولت التفاصيل، فجاء فيما يتصل بأغراض الجماعة أنها ترمي إلى شرح دعوة القرآن الكريم وعرضها عرضًا يوافق روح العصر وتنمية الثروة العمومية وتحقيق العدالة الاجتماعية والتأمين الاجتماعي لأفراد الأمة، ومكافحة الفقر والجهل والمرض والسعي إلى تحرير وادي النيل والبلاد العربية جميعًا والوطن الإسلامي بكل أجزائه من أي سلطان أجنبي، وتأييد الوحدة العربية والسير إلى الجامعة الإسلامية، وقيام الدولة الصالحة التي تنفذ أحكام الإسلام، ومناصرة التعاون العالمي في ظل المثل العليا الفاضلة.

ثم تحدث القانون عن الوسائل التي تتبعتها الجماعة لتحقيق الأغراض سابقة الذكر، فقال إنها الدعوة بطريق النشر والتربية الدينية والروحية والمدنية الصالحة، مع تثبيت معنى الإخوة الصادقة والتعاون ليتكون رأي عام موحد، مع وضع المناهج الصالحة في كل شئون المجتمع من تربية وتعليم وتشريع وغيرها، والتقدم بهذه المناهج إلى الجهات المختصة والوصول بها إلى الهيئات النيابية والتشريعية والتنفيذية في الدولة، لتخرج من دور التفكير النظري إلى دور التطبيق العملي، ومن بين الوسائل أيضا العمل على إنشاء مؤسسات اقتصادية واجتماعية وعلمية ودينية وتأليف لجان لتنظيم الزكاة وأعمال البر، ومقاومة الآفات الاجتماعية وإرشاد الشباب إلى طريق الاستقامة وشغل وقت الفراغ بما ينفع، وتنشأ لذلك أقسام مستقلة طبقا للوائح وخاصة القانون 49 سنة 1945 الخاص بتنظيم الجمعيات الخيرية، وأعمال البر وتسجيلها بوزارة الشئون الاجتماعية، وجاء في القانون أيضًا أن الأعضاء يستعينون بكل وسيلة مشروعة أخرى.

فيبين مما تقدم أن الجماعة كانت حريصة على أن تسجل في قانونها التزام الأوضاع الدستورية لتحقيق أغراضها.

وقد عملت الجماعة على تنفيذ الأغراض التي وضحت في قانونها وطبقًا للوسائل المشار إليها، فأنشأوا صحيفة يومية لنشر دعوتهم، وأقاموا مؤسسات اقتصادية و مستوصفات، كما كونوا فرقًا للجوالة، وكان رئيسهم يتابع نشر الدعوة وتفهيم الناس بحقيقتها وذلك بإلقاء أحاديث دورية أسبوعية ومحاضرات وخطب في المناسبات.

وكان من بين ما ألقاه المرشد العام ونشر في رسائل، كتيب عنوانه: «بين الأمس واليوم» ضبط في دار المركز العام، تناول فيه رسالة النبي الأمين ومنهاج القرآن الكريم، ثم القواعد الأساسية في الإصلاح الاجتماعي الكامل كما جاءت في القرآن الكريم ونظام الدولة الإسلامية الأعلى، مع شرح عوامل التحليل التي طرأت على كيانها وبيان الصراع السياسي والاجتماعي بين المسلمين وطغيان المادة على بلادهم وأشار أيضًا إلى أن دعوة الإخوان هي دعوة البعث والإنقاذ، ثم تساءل عن أهداف الجماعة العامة، ونفى أن أغراضها جمع المال وهو عرض زائل، والجبروت في الأرض: ﴿الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ [الأعراف: 128].

وانتقل بعد ذلك إلى القول بأن للجماعة هدفين أساسيين هما: تحرير الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي، وأن تقوم فيه دولة إسلامية حرة تعمل بأحكام الإسلام وتبلغ دعوته للناس.

ثم تحدث عن الأهداف الخاصة فقال: إنها إصلاح التعليم ومحاربة الفقر والجهل والمرض والجريمة مشيرًا إلى أن أكثر من 60% من المصريين يعيشون أقل من معيشة الحيوان، وأن مصر مهددة بمجاعة قاتلة وهي أكثر بلاد العالم المتمدين أمراضًا وأوبئة وعاهات، وأن أكثر من 90% من الشعب مهدد بضعف البنية ومختلف العلل، وأن مصر لم تستطع إلى الآن «1946» أن تجهز فرقة واحدة كاملة المعدات.

ثم انتقل المرشد بعد ذلك إلى تحديد الوسائل، فقال: إن الخطب والأقوال لا تجدي ولا تحقق غاية، ولكن الوسائل التي لا تتغير ولا تتبدل هي الإيمان العميق والتكوين الدقيق والعمل المتواصل.

ثم قال بعد ذلك تحت عنوان (العقبات في طريقنا): أحب أن أصارحكم أن دعوتكم لازالت مجهولة عند كثير من الناس ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم خصومة شديدة، ونبه أعضاء الجماعة إلى ما عساه أن يلقوه من مشقات في سبيل الوصول إلى أهدافهم شأنهم في ذلك شأن أصحاب الدعوات مشيرًا في تفصيل العقبات إلى أن الحكومة ستقف في وجوههم محاولة الحد من نشاطهم، كما أن الغاصبين سيتذرعون بكل طريق لمناهضة الجماعة وإطفاء نور دعوتهم، ويستعينون في ذلك بالحكومات الضعيفة والأخلاق الضعيفة.

ثم خاطب الإخوان بعد ذلك بقوله: إنهم ليسوا جمعية خيرية ولا حزبًا سياسيًا إلى غير ذلك من الأقوال التي سبق إثباتها عند الكلام على الأدلة التي ساقها الاتهام.

وانتهى كتاب المرشد العام بتنبيه الإخوان إلى الإيمان بالله ولا يخافون غيره ولا يرهبون سواه وأن يؤدوا فرائضه ويتجنبوا نواهيه ويتخلقوا بالفضائل، ويتمسكوا بالكمالات ويتدارسوا القرآن والسيرة النبوية وأن يكونوا عمليين لا جدليين.

وإلى هنا ينبغي لنا أن نقف وقفة للتعليق على ما أثبتته المحكمة في حكمها عن جماعة الإخوان المسلمين، ونشأتها وأغراضها ووسائلها وتطورها، حتى نتبين من هذه النصوص من هو القائل الحقيقي لمحمود فهمي النقراشي باشا:

1- يتضح مما سجلته المحكمة أعلاه أن المحكمة قد حكمت:

أولاً: بأن الجماعة كانت حريصة على أن تسجل في قانونها التزام الأوضاع الدستورية بتحقيق أغراضها.

ثانيًا: أن الجماعة عملت فعلا على تنفيذ الأغراض التي وضحت في قانونها وطبقا للوسائل المشار إليها، فأنشأوا صحيفة يومية لنشر دعوتهم وأقاموا مؤسسات اقتصادية ومستوصفات، كما كونوا فرقًا للجوالة، وكان رئيسهم يتابع نشر الدعوة وتفهيم الناس بحقيقتها وذلك بإلقاء أحاديث دورية أسبوعية ومحاضرات وخطب في المناسبات، فلم يعد بعد ذلك هذا الحكم النهائي الصادر من محكمة مشكلة بقرار صادر من حكومة هي أعدى أعداء الإخوان المسلمين، وقد وافق عليه ممثل الاتهام في هذه الحكومة بدليل أنه لم يتقدم إلى محكمة النقض لنقضه اعترافًا منه بعدالة هذا الحكم ومطابقته للأمر الواقع.

ولم يعد بعد ذلك لمؤرخ أو كاتب أن يتهجم على دعوة الإخوان المسلمين وأغراضها ووسائلها، لأنه إن فعل شيئا من ذلك كان كاذبًا على التاريخ إن كان مؤرخًا وكاذبًا على الأمة إن كان كاتبًا دون جدال.

2- يتضح مما سجلته المحكمة في حكمها نقلاً عن رسالة بين الأمس واليوم للإمام الشهيد أن الإمام الشهيد وهو يكتب هذه الرسالة في سنة 1946 كان يرى بنور الله ما لا يراه عامة الناس، حيث سجل صراحة أن الحكومة ستقف في وجوههم محاولة الحد من نشاطهم، كما أن الغاصبين سيتذرعون بكل طريق لمناهضة الجماعة وإطفاء نور دعوتهم، ويستعينون في ذلك بالحكومات الضعيفة والأخلاق الضعيفة.

وقد تحقق ذلك كله كفلق الصبح في سنة 1948 وما بعدها، حيث تصدت حكومة محمود فهمي النقراشي باشا إلى هذه الجماعة بالحل والاعتقال ومصادرة الأموال، وهي صديقة له تقف معه في حربه للصهاينة، وتختلط دماء شهدائها بدماء جنوده، ويدفع رجالها من مالهم الخاص تكاليف اشتراكهم في المعركة من سلاح ومعدات حربية، ونقل ومعيشة، دون أي تفسير من جانب حكومة النقراشي باشا لهذا الفعل الغادر، إلا قول الإمام الشهيد في رؤيته النورانية لما يمكن أن يقع من أحداث قبل وقوعها بسنتين كاملتين أن الحكومة ستقف في وجوههم محاولة الحد من نشاطهم، كما أن الغاصبين سيتذرعون بكل طريق لمناهضة الجماعة وإطفاء نور دعوتهم ويستعينون في ذلك بالحكومات الضعيفة والأخلاق الضعيفة.

وهل يمكن أن تكون هناك حكومة أضعف من حكومة تخضع للعدو الغاصب، فتدخل بتوجيه منه حربًا لم تحسن الإعداد لها بدليل أنها لم تصمد أمام عصابات يهودية لا دولة يهودية أسبوعًا واحدًا، وهو ما كان يهدف إليه العدو لإثبات أن ما تسميه مصر عصابات هو في الحقيقة دولة أقوى من دولتها، ثم لا تغضب هذه الحكومة لكرامتها وقد انكشفت لها خطة العدو الغاصب، بل تخضع لتعليماته فتضرب أعز أبنائها، لمجرد أنهم أثبتوا بسالة نادرة، وجدية حقيقية في ميدان القتال، بوهم أنهم ما داموا بهذه الجدية والبسالة، فقد أصبحوا خطرًا عليها، لا درعًا لها وكأنها كانت تريد من شعب مصر أن يتخلف عنها وعن نظامها في الإعداد والتكوين لتطمئن إلى أن هذا الشعب أسير يدها حبيس إرادتها، فإن ظهر لها غير ذلك كان هذا الشعب الذي فرض الله عليها أن تحميه وأن ترعاه، هو أعدى أعدائها، وكان أخطر عليها من عصابات الهاجناه وشترن الصهيونية!! هل يمكن أن تكون هناك حكومة أشد ضعفًا وأسد خبلا من ذلك؟

بل إن هذه الحكومة المتخاذلة المجنونة لم تقتصر على ضرب الأفراد في حرياتهم وأبدانهم وأموالهم، بل بلغ من جنونها أن تنحرف إلى ضرب مبادئ الإسلام ذاتها التي أحيت في هؤلاء الأفراد أسباب العزة والكرامة والفداء وجعلتهم على النقيض منها ومن نظامها رهبانًا بالليل وفرسانًا بالنهار.

حيث جاء نص المادة الثانية من الأمر العسكري رقم 63 لسنة 1948 الصادر في يوم الأربعاء 7 صفر 1368هـ الموافق 8 ديسمبر 1948م بحل الإخوان المسلمين على النحو التالي:

مادة (2): يحظر إنشاء جمعية أو هيئة من أي نوع كانت أو تحويل طبيعة جمعية أو هيئة قائمة إذا كان الغرض من الإنشاء أو التحويل بطريق مباشر أو غير مباشر بالنشاط الذي كانت تتولاه الجمعية المنحلة أو إحياء هذه الجمعية على أي صورة من الصور كما يحظر الاشتراك في كل ذلك أو الشروع فيه.

إن المطلع على هذه المادة من قرار حل جماعة الإخوان المسلمين يدرك ومن أول وهلة أن المقصود هو أن يحظر على المصريين قيام أي جمعية أو هيئة من أي نوع كانت تدعو إلى ما كانت تدعو إليه جماعة الإخوان المسلمين من مبادئ أو تتولى أوجه النشاط الذي كانت تتولاه جماعة الإخوان المسلمين في جسد الدولة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، بل ويحظر القرار على المصريين مجرد التفكير في ذلك أو الشروع فيه.

وقد سبق أن سجلت المحكمة أغراض هذه الجماعة وأوجه نشاطها من واقع المضبوطات التي قدمتها النيابة إليها كدليل إدانة فقالت:

إن الغرض من جماعة الإخوان المسلمين هو تكوين جيل جديد يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا ويعمل بتعاليمه، وأن وسائلها لتحقيق هذا الغرض هو تغذية الفضائل الخلقية وإحياء الشعور بكرامة الأمة وتحرير النفوس من الضعف والتحذير من الاندفاع في حياة المتعة والترف ونشر الثقافة والمحافظة على القرآن ومحاربة الأمية وتأسيس المنشآت النافعة للأمة كالمستوصفات الطبية ومحاربة الآفات الاجتماعية كالمخدرات والمسكرات والمقامرة والبغاء، وتشجيع أعمال الخير وتقوية روابط التعارف بين الشعوب الإسلامية مع تنمية روح التعاون والاقتصاد والدفاع عن الإسلام، ومقاومة كل عدوان يراد به، وتقوية الروح الرياضية في نفوس الشباب.

فهل يكن لعاقل أن يتصور صدور حظر شامل على كل المصريين لا على الإخوان المسلمين وحدهم أن يفكر أحد منهم أو يشرع أو يعمل على إحياء هذه المبادئ والقيم السامية في جسد الأمة إلا أن يكون هذا الأمر صادرًا من أعدى أعداء مصر والعروبة والإسلام؟ إذا أغفلت الجمعيات والهيئات العمل على إحياء هذه المبادئ والقيم السامية في جسد الأمة، فلا يكون أمامها إلا أن تنشر بين أعضائها المفاسد والرذائل والانحلال وسوء الأخلاق فهل يرضى عاقل أن يكون ذلك هو حال الجمعيات والهيئات العامة في مصر الواجب الالتزام به تنفيذًا للأمر العسكري من الحاكم العسكري محمود فهمي النقراشي باشا؟

يتبع بتدوينه أخرى إن شاء الله

هذا المنشور نشر في من تراث الإخوان المسلمين. حفظ الرابط الثابت.

2 Responses to قضية السيارة الجيب وحكم المحكمة التاريخى عن جماعة الإخوان المسلمين (1)

  1. ulmus pariviflora كتب:

    لقد تجنى مسلسل الجماعة على الاستاذ المرشد كثيرا

  2. Hisham Ghali كتب:

    أنه أحد مزورى الحقائق والكارهين لكل ماهو متدين هم رجال الباطل — لأنهم أسود علي المسلمين ( هو و عادل امام ومن علي شاكلتهم ) وفرخة علي المسيحيين ,أقسم باللـه أنه لايجرؤ أن يكتب كلمة واحدة عن أفعال البابا وشلته……

أضف تعليق